الصورة التركيبية للحرية والقدر
-من ابصر ليس كمن رأى ومن فهم ليس كمن علم ومن قال ان الحرية والقدر متلازمان ,لزم عليه ان يبصرنا بما يقول او يفهمنا ؟
لا إجابة !
في العموم جل المسلمين ان لم يكن جميعهم يسمعون ان المسؤولية مناط الحرية ثم يرون اخرى فيظهر لهم عيانا بيانا ان القدر قد كتب فقد جفت الاقلام ورفعت الصحف !
وعندما يرى المسلم هذا التضارب الظاهر للوهلة الاولى فإنه يكتفي بحفظ القول ( ان القدر لا يعارض حرية الانسان ويسكت ) ,غير ان عدم وجود تصور ظاهر للحرية والقدر في الفكر الاسلامي قد فرق المسلمين في ثلاث مذاهب هي /
الفئة الاولى : تلحد من حيث لا تعلم , حيث تجعل الحرية اصلا وما القدر الا كتابا يسجل ما تفعله الحرية الانسانية ,حيث انني حر والحرية في تصورهم هي انني افعل ما اشاء وهذه الفئة تناست ان افعالها ونواياها محدودة داخل الزمان وان كل ما كتب هو خارجه !
غير انهم ما أرادوا الا ان يجعلوا الحرية مشعلا ينهض بالمسلمين حيث وضعوا كل قرارات الانسان بيده , من جهة اخرى هم حاولوا تحرير الانسان المسلم ليثبتوا مسؤولية الانسان وينزهوا الله عن بعض افعال العباد ,,
ومن جهة اخرى هم قد دفعوا بقدرة الله خارج الكون ,ومن جهة ثالثة ارعبوا الانسان حيث كل ما امامه مجهول لا مستقبل لا شي سوى السواد الذي ينبغي السير فيه بمشعل من نور واعلى درجات ذلك التطرف هو انكار المستقبل الاخير وهو يوم القيامة !
وهنا نقف لننتقل الى الفئة المضادة لهذه النظرة وهم الجبرية حيث يرون ان لا حرية للإنسان وان الله يسيره من حيث علم ام لم يعلم وقد عانى المسلمون من هذا الجبر حيث يزني الزاني ثم يقول قدر الله , ويسرق السارق ويقول قدر الله وبعضهم نام في منزله واردف قائلا (لو سعيت سعي الوحوش غير رزقي ما بحوش) ,وهنا نرى تراكما من الجهل المقدس الذي باسم الله يفعل وتنشأ الكوارث وينخر العجز والكساد في جسد الامة لنكوص اهلها على اعقابهم , اما عن الاشعرية فقد قالوا قولا قريبا من الجبر حيث قالوا بالكسب وفسروا الكسب انه اقتران المقدور بالقدرة الحادثة من غير ان يكون له اثر فيها وعليه فما دام العبد ليس بفاعل ولا له القدرة المؤثرة في الفعل فالزعم بالكسب لا حقيقة له !
وقد قال الايجي في ذلك المراد بكسبه اياه مقارنته لقدرته وارادته من غير ان يكون منه تأثير وهذا ظاهر من عدم تصورهم الجمع بين حرية العبد والقدر المكتوب
الفئة الثالثة وهم اهل السنة والجماعة وهم اصحاب النظرة القويمة وهي نظرت المؤمن المعتدل , وهم القائلون ان القدر الإلهي لا يتنافى مع حرية الانسان ,,
حيث ان الانسان المؤمن يؤمن بالقدر ويعلم انه مسؤول , ولكن كيف يؤمن بالقدر المكتوب سلفا وبالحرية الانسانية ؟؟؟
عندما نعود الى الفكر الاسلامي الذي كتب ونمى ونوقش وازدهر كفلسفة وجدل نرى ان الفلسفة الاسلامية وخصوصا الفقهية منها لم تطرح تصورا واضحا لمسألة القدر وحرية الانسان والفكر الاسلامي يهمني وحده من جهة ان الافكار التي تنشط فيه وتفعل يبنى عليها الشارع المسلم حيث ان كل المفاهيم والمقاصد والاحكام تنعكس على المسلمين فيتشربونها ويستبطنونها في حياتهم اليوميه ويعملون بها من حيث ادركوا ام لم يدركوا , نعود الى بعض اعلام اهل السنة لنرى هل فهموا ذلك ام علموه واكتفوا ؟وهل علمهم من دون تصور كان كافي ؟
ففي مدارج السالكين اورد ابن القيم رحمه الله فصلا فيه على الجبرية قال فيه :
أحدها : من إثبات عموم حمده سبحانه ، فإنه يقتضي أن لا يعاقب عبيده على ما لا قدرة لهم عليه ، ولا هو من فعلهم ، بل هو بمنزلة ألوانهم ، وطولهم وقصرهم ، بل هو يعاقبهم على نفس فعله بهم ، فهو الفاعل لقبائحهم في الحقيقة ، وهو المعاقب لهم عليها ، فحمده عليها يأبى ذلك أشد الإباء ، وينفيه أعظم النفي ، فتعالى من له الحمد كله عن ذلك علوا كبيرا ، بل إنما يعاقبهم على نفس أفعالهم التي فعلوها حقيقة ، فهي أفعالهم لا أفعاله ، وإنما أفعاله العدل ، والإحسان والخيرات .
الوجه الثاني : إثبات رحمته ورحمانيته ينفي ذلك إذ لا يمكن اجتماع هذين [ ص: 88 ] الأمرين قط أن يكون رحمانا رحيما ويعاقب العبد على ما لا قدرة له عليه ، ولا هو من فعله ، بل يكلفه ما لا يطيقه ، ولا له عليه قدرة البتة ، ثم يعاقبه عليه ، وهل هذا إلا ضد الرحمة ، ونقض لها وإبطال ؟ وهلي صح في معقول أحد اجتماع ذلك والرحمة التامة الكاملة في ذات واحدة ؟ .
الوجه الثالث : إثبات العبادة والاستعانة لهم ، ونسبتها إليهم ، بقولهم " نعبد ، ونستعين " وهي نسبة حقيقية لا مجازية ، والله لا يصح وصفه بالعبادة والاستعانة التي هي من أفعال عبيده ، بل العبد حقيقة هو العابد المستعين ، والله هو المعبود المستعان به.
ويقول في موضع اخر :
الفعل وقع بقدرة الرب خلقا وتكوينا كما وقعت سائر المخلوقات , والله خالق الفعل والعبد فعله وباشره والقدر الحادثة واثرها واقعان بقدرة الرب ..
ابن القيم رد على من قال بالجبر لكن بدون خارطة تصور لفهمه لذلك ,لكنه اثبت بالدليل القاطع حيث جعل رحمة الله وحمده وعدله في ذاته صفة تلزم ان لا جبر على المسلم وان الله اثبت افعال العباد الحرة في عدة مواضع في القران , والان لنرى قول اخر لنعرف اين وصل مفهوم القدر لدى المسلمين
وفي كتاب المختصر في مسائل القضاء والقدر ل وليد ابو كمال حيث يرد على مسائل الجبر من عدة اوجه واستنادا الى عدة اقوال منها قول ابن حنبل ( انما نقول يضل من يشاء ويهدي من يشاء واسم الله الجبار حيث جعلهم مريدين لما يريدون دون اكراه !)
وقال المؤلف في موضع اخر :ان زعم الجبرية في ترك الاعمال يعارض صريح القران ,وقال ان زعم الجبرية ان كل شئ خلقه الله فقد رضي واحبه باطل ويورد ادلة واحاديث بدون ان يورد تصورا يضع القدر والحرية في تكامل واترابط
وبحثت عن اقوال اهل الكلام ولم اصل الا الى تصورات ملخصها ان الافعال والاعمال كلها مستندة الى الله من جهتين هما :جهة ايجاد العلل ومن جهة اعطاء الوجود والقدرة الى كلشئ ..
اختصارا ينزع اهل السنة والجماعة الى ثلاث حقائق في نظرهم للقدر والحرية غير انها غير مسلمة من الجهة الثالثة وهي قولهم /انه يجب الايمان التام بالقدر دون طلب الكيف والسؤال عن الكنه فالتسليم من غير فهم من اعظم اسس الايمان !!!
وهنا مربط الفرس ؛حيث ان عدم وضوح الرؤية القدرية في الفكر الاسلامي جعل الفرد المسلم في شتات بين قدر الله وما شاء فعل والعجز والتهاون والتواكل في انتظار ما يضعه القدر وهذا نراه حتى بين ابناءنا الطلاب ,فحين نقول له لماذا رسبت في المادة ؟
يسدد لنا تلك الكلمة القاضية: (قدر الله وما شاء فعل) , ولا نملك في افضل الاحوال الا ان نقول له :صحيح قدر الله وما شاء فعل لكن لو اجتهدت لكانت نتيجتك افضل !
وحتى في حديثنا معه يصيبنا البرود حيث ان ما قاله ابننا هو عين الصواب !
فقدر الله وما شاء فعل , نعود لذكر المسلمة الثانية لدي اهل السنة وهي / الايمان التام بقدرة العبد على الفعل من جهة السبب وهذا صحيح ومن لا يقول به فقد وقع في الجبر الذي هو حيد عن الصراط المستقيم , والمسلمة الاولى /هي ان افعال العباد مخلوقة فكل فعل للعباد هي من خلق الله وهذا ايضا ركن قائم لا مراء فيه ...
-نخلص اذن بعد ان لخصنا موقف اهل السنة الى ان مفهوم القدر كثيرا ما يشوش على رؤية الفرد المسلم وهذا يداخل مع همته ومسؤوليته واتخاذه للقرارات ورؤيته للحياة وتعامله معها , وكذلك مؤثر من جهة عدم استيعاب المسلم الصورة التركيبية للمسؤلية والقدر فالكثير من المسلمون يقفون ازاء الاحداث الجارية موقف سلبيا فمنهم من ينتظر المهدي وبعضهم ينتظر انقلابا هنا وهناك فتمسك السلطة المسلمة الحكم ثم يسود العدل والرخاء واخرون يتهاونون في واجباتهم ومسؤولياتهم حتى ان الصبية الصغار قد شربوا ذلك مع حليبهم فعندما يخطئ الطفل يترك فهو طفل وقد قدر الله وما شاء فعل وما اراده الله سيكون فالصالح صالح والطالح طالح , وكذا ايضا على مستوي الامة فحين نرى سوريا تتهاوى فكثير منا ينزع منازع خطيرة حيث يقول البعض نحن مسلمون وسوف ينصرنا الله !!
ويقول قد قال تعالى (ان جندنا لهم المنصورون) ؛ الفأل طيب والوعد حق ؛ لكنك يا مسلم قد اقتطعت هذه الآية بمعنى اخذت جزء من كل , اين ( واتيناه من كل شئ سببا فأتبع سببا ) اين ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ...) اين (قل هل يستوي اللذين يعلمون واللذين لا يعلمون ) اين (وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستحلفنهم في الارض ) اين اين اين .....
والسؤال ايضا :كيف ينصرك الله ؟كيف يعي المسلم نصر الله له ؟
كيف وهناك رسل قتلو ؟
أليست الرسل اعظم واجل عند الله من الافراد المسلمين ؟
واخرون ينامون ويتكاسلون في عملهم وفي طلب رزقهم وعندما تسأله لما الكسل ؟
يقول (لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش )!
- وبعد ؟
من هذا المنطلق وهو تفعيل المسؤولية في المجتمع المسلم من خلال كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وافعال صحابته فإنني ازعم انني بلورت أي اوضحت وازلت الغموض وجعلت القدر والحرية في تركيهما اكثر وضوحا وهذا ادعى لاستنهاض الامة واعادة تفعيل مفهوميتها الفكرية من خلال التجديد الديني والفكري الذي ينبع من القران الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ,والافراد في الامة هم عمادها وقاعدتها التفاعلية الاساسية حيث عليهم ان يغيروا ما بأنفسهم من وهن وسخط ذلك ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ,
وهذه النظرة التي سأتحدث عنها هي نظرت ابن الخطاب من قبلي والتي اعطى فيها قاعدة اساسية لـ-تركيبة الحرية والقدر , وسأحاول جاهدا ان ابسط هذه النظرة العمريه من دون ان اخل بتصورها اسأل الله التوفيق والسداد .
***
-هل قدر الله ان اكتب هذه المقالة ؟
-ام ان حريتي وارادتي التي وهبني الله اياهما هما من يسرا لي كتابة المقال ؟
-ام ان ارادتي وافقت ارادت الله ؟
-ام ان الله قد سيرني في قدره من حيث لا اعلم ؟
-ام ان ارادتي فعلت احدى اقدار الله المتاحة امامي ؟
بمعنى ان لي حرية مطلقه في ان افعل كل ما قد قدر سابقا أي ان القدر الذي وضعه الله هو اقدار وما الانسان إلا حر وهبه الله اختيار طريقه ,فأنا عندما اكون في الظهيرة في المنزل من الصحيح انني حر لكن كل هذه الحرية معدودة من حيث ارادة الفعل ومحدودية الزمان والمكان ,فلا يمكنك ان تكون في الطائرة الذاهبة الى باريس في لحظة بإرادة الذهاب ، ولا يمكنك ان تكون في مكانين في وقت واحد وكذلك الحال مع الزمان , لهذا نستطيع التنبؤ ببعض حالات الانسان المستقبلية اذا اضفنا قدرة الله على معرفة ما بالصدور فهكذا يكون المستقبل قد كشف من حيث الارادة , لكن اذا حملنا الغيب من جهة الله فإن القول الحق هو ان الله خارج الزمان وهذا يقتضي جعل الماضي والمستقبل والحاضر جميعه معلومة كخط على ورقه !
-اذا سلمت بأنني حر وان الله قد قدر كل شي وكنت في موقف في شارع عام وكان امامي ثلاثة طرق لا غير تؤدي الى المنزل فإنني أسأل نفسي تساؤلا أي الطرق اختارها لي الله ؟ وهل لإرادتي قدرة على مخالفة او الخروج عن قدر الله ؟
انا بهذه التساؤلات قابع في العقلية التقليدية التي تعاني من التشويش حيث ارهق نفسي من دون ان اصل الى جواب ...
لكن الجواب في رأيي هو "ان كل الطرق الثلاثة التي امامك هي كلها من اقدار الله ", وانا سواء اخترت السير في الطرق الاول او الثاني او الثالث فكلها اقدار قد كتبها الله !
فأنا صاحب الفعل وكل نتيجة تراها سواء اصطدمت سيارتك في الطرق الاول او وصلت متأخر عن طريق الطريق الثاني او قابلت صديق قديم في الطريق الثالث كلها اقدار الله وجميعها قد وضعها الله في كتابه, وكتابة الله للاقدار لا تنافي ارادتك , وهذه النظرة تدخل في واقعنا المعاصر فبؤس المسلمين وضعفهم واستيلاء السلاطين على الحكم منذ بداية الاسلام كل هذا اتى بقول هذه ارادة الله !
وغير انه لو خرج احدهم على السفاح العباسي او عبيد الله المهدي الفاطمي ثم قتلهم واستولى على الحكم ان ذاك لكان ذلك ايضا من قدر الله وارادته ،ولا ننسى تكريس معاوية بن ابي سفيان للجبر السياسي الذي تحول الى جبر اجتماعي على جميع الاصعدة وقد استخدم ايات واحاديث كثيره منها حديث رسول الله الذي نقله عن المغيرة وهو الذكر اللذي يقال بعد كُل صلاة وهو( لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ....) وهنا كرس معاوية في عقلية الافراد المسلمين الجبر من حيث لا يشعرون في خطبة وكل منبر فقد اعطاه الله ولن تمنعوه وقد اخذ الله من الفئة الاخرى الحكم ولا معطي لهم !
لهذا علينا ان نعي ان تحركنا ونشاط شباب الامة سينطلق بنا من الذل والتشرذم الى قدر الله من العز والتمكن الذي هو ايضا من قدر الله ..
لهذا يمكن ان نعرف القدر بأنه ( كل ما فتح للعبد من اقدار معلومة من جهة العالم سبحانه ومفعولة من جهت العبد )
فحيث ما نولي وجهتنا فإن الله يعلم وجهتنا ويعلم ماتحدثنا به انفسنا ويعلم نهاية طريقنا الذي اخترناه ,وهذه النظرة نجدها مستوعبة لدى بعض صفوة صحابة رسول الله حيث ادرك اولئك المعنى بدقة متناهيه وهو كما اوردناه ولم يفهمه اخرون مع انهم علموه , فحديث عمر بن الخطاب لأمين هذه الامة ابو عبيده وجداله مع المهاجرين والانصار في دخول الشام حين حل بها الطاعون يدل على عدم وضوح الرؤية لدى بعض منهم الا ان عمر صاح لأبو عبيده قائلا/ نهرب من قدر الله الى قدر الله - ثم اردف - لو ان غيرك قالها يا ابو عبيده !
وهذه الكلمة الاخيرة فيها محبة لأبو عبيده نور الله قبره ورزقنا صحبته وفيها تأنيب حيث على من هم بمثل قامة ابو عبيدة ان يدرك هذه المسألة وهي ان كل ما امامنا من طرق هي من اقدار الله .
-ولأننا نحن المسلمين متخلفين لم نعد في طليعة الامم المتقدمة وذلك عائد علينا حيث اننا لم نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله قدره الذي هو نتيجة لتخلفنا وسنظل متخلفين وفي قدر الله مالم نغير ما بأنفسنا ولإن قمنا ونفضنا عنا غبار الذل لنصعد في الارض ونكون في اسمى مراتب العبودية فسنكون ايضا في قدر قد كتبه الله .
-التوفيق والاستخارة /
وما الدعاء بالتوفيق والاستخارة الا تجلي لهذا المفهوم حيث عشر اوعشرون طريقا قد قدر امام العبد ان يسلك احداها وما سؤال التوفيق من الله الا معونة وهداية يرشدنا بها الله لأفضل اقداره .
-الملكين الذين يسجلان اعمال الانسان /
وما الملكان اللذين اوكلهما الله لتحصيل ذنوب عباده وطاعاتهم الا ملكين يسجلان اختيار العبد لأحد اقدار الله التي فتحها على العبد
-التدخل الالاهي /
هل معنى ذلك انه لا تدخل إلاهي ؟
كيف يمكن القول بذلك وجميع الطرق المتاحة امامك كلها من صنع الله ؟؟
لهذا فأن تدخل الله وتسييره لعبده مؤكد كأن يرد عنه حادث او مرضا مميتا او يصيبه ببلاء ليختبره حيث التدخل الالاهي حاصل بمقتضى القدرة والحكمة , وكأن يوسع له في رزقه وان يطيل في عمره بسبب انه وصل رحمه كما في الحديث , وكل ذلك من التدخل الالاهي سواء علم العبد بذلك ام لم يعلم وايضا من الفروض الالهية التي ليس للعبد دخل فيها كأن يختار والديه والعصر الذي ولد فيه ويوم مماته وكل ذلك هي من التدخلات الالهية الملزمة والثابتة للإنسان وهي في ذات الوقت لا تنقض حرية العبد على العمل وطلب النصر والخطأ والهزيمه .. وما ذكر الله ان الكافر يكله الى نفسه الا قصد منه ان الله قد جعل امامه اقداره المقدرة وتركه يهيم فيها لاعون منه يهديه ويوفقه ولا مدد وهداية يرسلها اليه لانه اختار الكفر علي الايمان وكذا كان رسول الله حيث كثيرا ما تعوذ من ان يوكل الى نفسه .
-في نهاية المقال ادعو جميع المؤمنين ان يجاهدوا انفسهم ليتحصلوا على الحرية الحقه التي هي جزء من القدر الالاهي حيث جميع الاعمال والافعال والنوايا هي من اقدار الله وما العبد الا مخير داخل هذه الاقدار المتاحة امامه , وانني ما اردت بهذا الايضاح الا تحرير عقلية المسلم وتبيان ما رأيته مشكلا عليه ومشوشا في ذهنه وذلك ادعى الى ان يتحرر من اوهامه وتهاونه وان يمسك بزمام حريته وان يستشعر عظم مسؤوليته , وانني شخصيا بعد تأملي في هذا الايضاح للقدر ورؤيتي له تبدلت نظرتي لكثير من الاحداث اليومية في حياتي واحسست بحمل اشد احكاما علي من حيث شعوري بمسؤوليتي ولا اظن شخصا سيقرأ هذه المقالة ويعيها ثم لا يتبدل من نظرته شيء تجاه حياته التي بين يديه اسأل الله لي ولكل مؤمن النصر والفلاح .
تويتر:e_3badi@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق