الأحد، 21 يونيو 2015

كيف نعد كأس مثاليا من الشاي ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الشـاي

" ينطوي الشاي على سحر خفي يجعله لا يقاوم ويمنحه القدرة على اسباغ الاحساس بالمثالية , فالشاي ينأى بنفسه عن غطرسة النبيذ وعن غرور القهوة وعن البراءة المكلفة في نبتة الكاكاو"
اوكاكورا كاكوز

في البدء كان الجمال والصفاء وهما من صنعا الشاي الاول ,ولولا احلام الانسان وسعيه لأن يصل الى اعماق الجمال وهدوء الصفاء لما عرف الشاي , فالشاي ليس نبات عاديا فهو ايدلوجيا ومذهب teasim ينتسب له الالوف من البشر , وهذه الطائفة كما يحلو لنا ان نسمي تحتفي بالنقاء والتناغم متأثره بالفلسفات الشرقية واليابانية على الخصوص , الشاي نبتة يمكن ان نؤرخ لاكتشافها كعلاج منذ 4 آلاف سنه مضت اما عن تعاطيها فمنذ الف سنة حيث تذكر نبتة الشاي لاحد الرحالة العرب 879م , اما عن تمدده في اوروبا فيذكر انه وفي اواخر القرن السادس عشر جاء من الشرق اولائك الهولنديون الذين بشروا بشراب طيب المذاق يصنع من اوراق الشاي , ومنذ القدم ارتبط الشاي بفلسفة الزن التي تهدف الى الوصول مباشره الى الطبيعة الداخلية للأشياء , وهي تعتبر ان كل ما ليس جزء من الطبيعة الداخلية للأشياء فهي اكسسوارات معيقه عن الادراك الصافي للحقيقة ,حتى ان الشاي هو جزء من اكسير الخلود الذي تحدثت عنه ديانة الزن ,لهذا علينا ان لا نستغرب اذا وجد معلمو لهم اتباع ومريدون في صنع الشاي الذي مر بعدت طرق فلكل عصر فلسفته وافكاره و طريقته لصنع الشاي , من الاكيد ان البوذيون اصحاب ديانة الزن استخدموا الشاي كجزء من عبادتهم التي تتسم بالتأمل الطويل الشاق والشاي سيكون افضل معين على تلك الساعات الطويلة التي يقضيها الناسك في تأمله , اننا في حديثنا المتقدم اخذنا اطلاله بسيطة على عالم الشاي , وسأدخل الان معكم في محاولة صفاء مثاليه عن طريق معرفة احدى طرق اعداد الشاي الحقيقي , وفي البداية علينا ان نعي ان الشاي عمل فني ويتطلب يدا بارعه لكي تستخرج انبل خواصه فهناك شاي جيد واخر سيء كما ان هناك لوحات فنية جيدة واخرى سيئة , وطبعا غالبا لا نجد من تلك اللوحات الا السيء !

ليس من وصفه واحدة محددة لتحضير الشاي الامثل ,مثل لا توجد قواعد واضحه لصنع لوحة فنيه رائعة , بالطبع مر الشاي بثلاث مدارس ونحن اليوم ابناء المدرسة الأخيرة وهي مدرسة الشاي المنقوع , انا لن اتحدث عن 24 اداة يجب توافرها لصنع الشاي كما في الطريقة اليابانية العريقة , لكن سأنبه القارئ لملاحظات دقيقه تؤثر في صنع الشاي فلعله يوما ان يصبح احد فناني الشاي ,



اولا علينا ان نعي انا وانت ان الشاي الذي نتناوله ليس هو ذاك الشاي الذي يتمتع بكامل خصائصه المنعشة والجميلة لكننا نحاول الاقتراب في كل عام من احد انواع الشاي حيث لدينا عشرات المنتجين الذين حولوا الشاي من حاجة انسانيه الى استهلاكيه مقيته , بمعنى ادق ليس علينا ان نقف في يوم عن تجربة الجديد من انواع الشاي مع علمنا ان لدينا شاي مفضل لن تنزل رتبت تفضيله حتى نجد شاي افضل منه

 ثانيا في تحضير الشاي لدينا عدة متغيرات وهي سبعة وهي كالتالي ( الماء – السكر – الشاي – والنبات الاضافي – والابريق – ونوع الحرارة التي تسخنه – ودرجة حرارة الابريق الداخلية ) في هذه المتغيرات السبعة يمكننا ان نلعب لا يوجد متغير واحد غير ضروري لخروج الشاي بالشكل الاجمل , فكل متغير هنا هو مصدر قلق وبؤرة يركز عليها  ,

ثالثا في الماء علينا ان ندرك ان الماء الطبيعي النقي هو افضل من المياه المصنعية المعلبة , الا انه يمكنني القول ان الماء المصنعي يتمتع بدرجات متفاوتة من العذوبة بحسب كل شركة مصنعه فمثلا كلما كان الماء قلوي اكثر كان افضل وكلما مال لان يكون حمضي كان اسوأ , طبعا هناك ايضا طعم الماء ودرجة الملوحة فيه ونسب الاجزاء الاخرى المكونة له كلها تؤثر علي اعداد الشاي , اما في السكر فالسكر علي اصناف والوان الا انني بشكل شخصي وجدت ان السكر الابيض (الخشن) افضل من جميع الانواع الاخرى في اعداد الشاي ,


رابعا اما عن الابريق فحدث ولا حرج لدينا العديد من الانواع التي لها جودات مختلفة ولها ايضا مواد مختلفة مصنوعه منها , فمنها ما هو مصنوع من الالمونيوم ومنها النحاس ومنها الاستيل ومنها الابريق الياباني التقليدي الذي وزنه الثقيل يدعو للتساؤل وذلك عند مقارنة ببقية الاباريق المعتادة في السوق , الا ان المدهش ان لكل ابريق نكهته الخاصة وطريقة لتعامل معه , فالإبريق الهندي الالمونيوم هو جيد في حالة كان مصدر الحرارة تحته طبيعي (جمر) لان الغاز العادي يؤثر علي طعمه وفي نفس الوقت ذلك الابريق هو اكثر الاباريق التي يكون فيها الشاي اسود بشده(عاقد) , واما عن الابريق الاصفر الكوري فهو ايضا جيد وله مذاق مختلف عن بقية اخوته الا انني افضل بشكل شخصي الابريق الاستيل (يفضل الكوري) الا ان السوق لم يعد يحمل سوى الصيني ولا بأس به, ايضا يجب ان يكون الابريق الذي سيصنع فيه الشاي ابريق خاص بالشاي , فكل ما يغلى فيه هو الشاي ولا غير الشاي , ويجب علينا ان نرى الوعاء من الداخل فالكثير من الاباريق نجد فيها بعض الندبات الداخلية وتكون مصدر للصدأ وذلك يؤثر على اعداد الشاي بشكل قوي , اخيرا انا لم اجرب الشاي في الابريق الياباني التقليدي الا انني اعدكم اني سوف اشارككم رأي حال عشت تلك التجربة ,


خامسا اما عن نوع الحرارة التي نسخن بها الشاي فبشكل تقليدي لدينا مصدران الاول الغاز المنزلي والثاني هو الجمر الطبيعي , لكل نوع منهما خواصه وبالتأكيد فالنوع الثاني افضل بكثير من الاول , فبمجرد تبديل المصدر ما بين الغاز والجمر فنحن سنلحظ فارق كبير في الطعم لهذا كثيرا ما يكون شاي الرحلات افضل من الاعداد المنزلي الذي يستخدم فيه الغاز , اما عن درجة الحرارة فيجب ان تكون عالية جدا وان تصل الى مرحلة الغليان وان يوضع السكر اثناء تلك المرحلة , وعلينا ان نترك السكر الخشن يغلي لدقيقتين او ثلاث ثم نقوم من بعد ذلك بإبعاد الابريق عن مصدر الحرارة ووضع الشاي بعد دقيقه من ابعاد الشاي عن مصدر الحراره *لنصل الى درجة حراره ٨٥ درجه تقريبا* وفي احيانا اخرى ومع انواع ممتازة من الشاي كالشاي النيبالي علينا ان نغليه علي نار هادئة لكي يكون بأفضل طعم , واحيانا نستطيع ان نعمل خدعة بسيطة لجعل شاي المنزل ألذ وافضل حيث نستطيع وضع صاجه من الحديد تحول بين الابريق ومصدر الحرارة المباشر ويمكننا وضع شيء بسيط من الرمال على الصاجه ليعلوها الابريق ونستطيع حين اذن ان نحيد تأثير الغاز من جهتين الاولى من حيث الطعم والثانية من حيث التحكم في درجة غليان اوراق الشاي فبهذه الطريقة وبعد ان يغلي السكر لعدة دقائق من على الصاجة الرمليه نقلل من النار ونضع الشاي ونجعله يتخدر داخل الابريق بدرجة (٨٥-٩٠ درجة )على نار هادئة تحافظ على درجة حرارة مناسبة وهي ليست درجة الغليان ,و ارى ان افضل ميزان لوضع السكر للكأس الواحد هو ملعقة طعام الاطفال الصغيرة التي نجدها مع غذاء الأطفال






سادسا اما في قلب تلك العملية فنوع الشاي هو شيء مهم جدا وعلينا اختياره بدقه ,سأذكر بعض الانواع الموجودة بالسوق والتي فضلتها في اخر وقتي وهي منتقاه بعد جهد جهيد وهي علي الترتيب التالي:
شاي davidstea النيبالي(nepal)
شاي vivel (شركة اماراتيه/فرنسية ) واما عن شاي الازهار فأفضلها الشاي الالماني وهو متواجد في (جافا تايم) سواء جاهز اوكأوراق لتعد في المنزل ,وهناك انواع اخرى كشاي التركي المزروع في تركيا او الشاي السيلاني المنتج في سيرلنكا ، وجميعها لها نكهات مختلفة وطرق تعامل تختلف بعضها عن بعض ,فلا يوجد طريقة تحضير ثابته في كل انواع الشاي لكن كثير من الانواع في حالة الغليان يكسب الشاي مراره ولا يجعله يختمر في الماء بهدوء ,اما عن النبات الاضافي فهو كما المعتاد النعناع او الحبق اوالمراميه , بالطبع لكل واحد منها نكهته وخواصه التي تتفاعل مع الفرد فالأخيرة مثلا في حال وضعها مع الشاي وشربها بانتظام لثلاث ايام متتاليه فإنها ستولد لدى الشخص حده في الفهم والتركيز واستثاره سريعة لجهازه العصبي مما يجعله سريع الغضب ,ولا تتوقف الاضافات على الشاي على هذه الانواع فقط بل المجال واسع سعة ذائقة الشخص وخياله , بالطبع فان علينا غسل النعناع جيدا قبل وضعه مع الشاي وعلينا ان ندرك الاختلاف في المذاق في حال وضعنا النعناع بجذعه الصغير وبأوراقه او عزلنا اوراقه ووضعناها مع الشاي لوحدها وايضا علينا ان نعي ان وضع النعناع لا يكون الا بعد ان تنزل درجة حرارة الشاي الي ٧٠ درجة او اقل ، ومن المهم ان نعرف ان افضل طريقة لحفظ النعناع والحبق طازجا هو وضع في علبه بلاستيكيه جافه محكمة الاغلاق لهذا فسيكون علينا ان نخصص قطعة منشفه لاوراق النعناع بحيث نلف النعناع بالمنشفه ثم نضعها  داخل العلبة ثم نغلقها باحكام , علينا ان لا ننسى ان الكميه التي نضع بها الشاي للكأس الواحد هي كميه قياسيه ودقيقه علينا الانتباه لها , ومن المهم ان نعلم انه في بعض انواع الشاي الجيد علينا ان نغسل الشاي بالماء قبل اعداده وذلك لتخلص من الشواءب والاتربه العالقه فيه







سابعا واخيرا ان الذين لا يحسون بضالة الاشياء العظيمة في ذواتهم ميالون الى اهمال العظمة الكامنة في الاشياء الصغيرة لدى الاخرين ,ان الانسان العادي والغارق في اللذات السريعة والمبسترة التي يتراشق بها العالم في هذا الوقت , لا يمكنه ان يدرك لذة الشاي وسحره الحقيقي , ان علينا ان نعيش مع الشاي ونفهم تفاصيله ونحاول ان نسبر اغواره لكي نتمتع في كل مدة بشاي الذ من قبله حتى نصل الى تلك المرحلة التي يكون فيه الشاي جزأ منا وتكون طريقة اعداده شيء من شخصيتنا , وفي النهاية سنضع الشاي الاحمر في كوب زجاجي لنستمتع برؤيته ولتمتلأ اعيننا به كما تمتلئ ذائقتنا ويتسرب الصفاء الينا بهدوء وسكينه .






محل لأصحاب مذهب الشاهيه 








انوا متعدده من الشاي

ملعقة وزن السكر حيث ملعقه كامله لكل كأس (معياري)
مراجع:
1- كتاب الشاي - THE BOOK OF TEA , KAKUZO
2-wikipedia

كتب بواسطة:
عبدالله آل مطرف
E_3badi@

هناك تعليقان (2):

  1. مجهود جبار وتشكر عليه. طلعت كييف😜

    قرأت الموضوع باهتمام ،،

    -المشكلة عندنا بنوعية المياة هذا هو العامل المهم في الشاي الأحمر.
    -انا جربت الشاي بمياة ارتوازية وكان ممتاز جدا واللون الأحمر كان واضح بعكس المياة المحلاه
    .
    -ترتيب الشاي الأحمر عندي بعد القهوة التركية او السوداء لكن القهوة في بعض الأحيان لا تقوم بمقام الشاي يعني على سبيل المثال بعد الأفطار لو خيرت بينهن لاخترت الشاي.

    بالنسبة لي جربت انواع كثيرة لكن استقريت ع الكبوس، جيب اي نوع اهم شي لا أشوف الليبتون قدامي انواع الماغص 😖

    -والشاي الربيع ورق جميل جدا للخبير فيه، مرة شربت شاي ربيع ورق عند احد -الشيبان- ان جاز التعبير لذيذ جدا كل قياساته باليد لا ما شاء الله الإبريق اعتقد له اكثر عقد. طريقته يضع الماء بعد ان يغلي يضع السكر ينتظر قليلا ثم يطفئ النار ويضع الشاي بدون ان يغلي ثم انتظر عشر دقائق وذوق احلى شاي👋🏽👋🏽👋🏽

    ردحذف
    الردود
    1. ما شاء الله عليك وبارك الله في جهودك

      حذف